Publications /
Policy Brief

Back
الحرب الدائرة في السودان وآثارها على الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي وما وراءها
Authors
February 12, 2025

تتناول هذه الورقة السياسية النزاعات العنيفة المستمرة في السودان، مع التركيز بشكل خاص على الحرب التي اندلعت في الـ15 من أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. يسلط التحليل الضوء على خلفية هذا النزاع الذي نشب بفعل فشل الانتقال الديمقراطي، بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير سنة 2019. كانت البداية مليئة بالتفاؤل، حيث تم توقيع اتفاق لتقاسم السلطة بين الفصائل العسكرية والمدنية، ولكن هذا الاتفاق انهار سريعاً، وبلغ الانهيار ذروته بحدوث انقلاب عسكري في أكتوبر من سنة 2021. هذا الانقلاب أعاق العملية الديمقراطية وفاقم من حدة التنافس بين القادة العسكريين، خاصة بين الجنرال عبد الفتاح البرهان من القوات المسلحة السودانية، ومحمد حمدان دقلو ("حميدتي") من قوات الدعم السريع.

لقد حولت نزاعاتهما من أجل الهيمنة، مدنًا مثل الخرطوم، إلى ساحات للقتال، ما أسفر عن أزمة إنسانية غير مسبوقة، تسببت في نزوح أكثر من 8,5 مليون شخص، ونتج عن النزاع أيضا نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية. من الناحية الاقتصادية، دمرت الحرب الاقتصاد السوداني، ما أدى إلى خسارة تقدر بنحو 15 مليار دولار، متسببة في الرفع من معدلات الفقر إلى مستويات مقلقة، حيث بلغت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، مع نهاية سنة 2023، 65,6%. علاوة على ذلك، يشكل هذا النزاع خطرًا على زعزعة استقرار الدول المجاورة، حيث يتدفق اللاجئون إلى الدول الهشة، وهو ما يجعل السياق خصبا لانتعاش الجريمة المنظمة وتهييئ موطئ قدم للجماعات المتطرفة.

لقد عرفت الجهود الرامية لاستعادة السلام نجاحات محدودة، فقد وجدت المبادرات الدبلوماسية، التي قادتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD-إيغاد)، بدعم من قوى خارجية، مثل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، لضمان وقف إطلاق نار دائم أو لمعالجة القضايا السياسية الأساسية، صعوبة في تحقيق أهدافها. من بين العقبات الرئيسية التي حالت دون ذلك، تفتت وتجزؤ مسارات السلام، والتأثيرات الخارجية التي فضلت أجندات محددة، إضافة إلى الافتقار للمشاركة الحقيقية لمختلف الفاعلين السياسيين السودانيين.

لا يهدد النزاع استقرار السودان فحسب، بل يشكل أيضًا مخاطر كبيرة على الأمن الإقليمي والوضع الإنساني. تؤكد هذه الورقة، على الحاجة الملحة إلى عملية سلام شاملة بقيادة الاتحاد الإفريقي، على أن تضم جميع الأطراف المعنية، لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع. لقد فشلت الجهود الدبلوماسية الحالية إلى حد كبير، وغالبًا ما تأثرت بالمصالح الخارجية التي لا تتماشى مع احتياجات الشعب السوداني. إن تصاعد العنف يهدد بالانتقال إلى الدول المجاورة، مما يزيد من المخاوف بشأن اتساع عدم الاستقرار الإقليمي والجريمة المنظمة. إن اتباع مقاربة منسقة، تعطي الأولوية للحوار الجاد والاستقرار، أمر بالغ الأهمية للنهوض بالسلام في السودان ومنطقة القرن الإفريقي المحيطة به.

 

تقديم

صارت النزاعات العنيفة والقلاقل الأهلية بمثابة واقع سياسي في السودان خلال فترة ما بعد الاستقلال، وهو ما قاد، بعد استفتاء أجري سنة 2011، إلى فقدان البلاد بشكل نهائي، لأراضيها الجنوبية السابقة (أصبحت تسمى اليوم دولة جنوب السودان). علاوة على ذلك، أعاق مزيج من النزاعات الأهلية العنيفة والانقلابات العسكرية، محاولات الانتقال وبناء الحكامة الديمقراطية في السودان. وبعد أكثر من ستة عقود من استقلال البلاد، لا تزال الآثار الكارثية للنزاعات والقلاقل الأهلية على حالها، بل وصارت تشكل اليوم تهديدًا وجوديًا لبقاء الدولة. تمر السودان في الوقت الراهن باضطرابات سياسية شديدة تشل البلاد، طبعتها حرب عنيفة ومريرة، اندلعت في الـ15 من أبريل سنة 2023، بين القوات المسلحة السودانية، بقيادة عبد الفتاح البرهان، ومجموعة شبه عسكرية تعرف باسم قوات الدعم السريع، ويقودها محمد حمدان دقلو ("حميدتي").

إن الانهيار المحتمل للسودان كدولة وظيفية، ستكون له تداعيات كارثية، ليس على البلاد والشعب السوداني فحسب، بل على المنطقة بالمفهوم الأوسع، وعلى ما وراءها. إن السعي لاستعادة السلام والنظام والاستقرار في السودان، يتطلب فهمًا مسبقًا لأهمية النزاع المستمر وأثره وتبعاته على السلام والأمن والاستقرار المحلي والإقليمي والدولي.

ماذا يوجد وراء النزاع العنيف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع؟ لماذا فشلت حكومة السودان (أو القوات المسلحة السودانية) في تجنب العنف الخطير في البلاد؟ ما هي المحاولات التي بُذِلت للعمل من أجل الإنهاء السلمي للنزاع بسلام؟ ما هو الأثر الإقليمي للنزاع بين الطرفين المتحاربين؟ وما هي آثار النزاع الدائر، على الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي وما وراءها؟ تستعرض هذه الورقة الكيفية التي تم بها تقويض الهيكل الأمني للبلاد، من قبل الميليشيات شبه العسكرية التابعة للدولة، ما أدى إلى نشوب حرب شاملة وأزمة إنسانية غير مسبوقة، لا تهدد فقط استقرار السودان، ولكن تشكل أيضًا مخاطر كبيرة على الأمن الإقليمي والأوضاع الإنسانية. كما تستكشف الورقة أهمية، آفاق، تحديات وتداعيات هذه الحرب الدائرة.

خلفية الحرب الأهلية السودانية لسنة 2023

واجه السودان أعمال عنف سياسية ونزاعات مستمرة منذ استقلاله (دوغلاس جونسن، 2016). وكانت آخر أعمال العنف هذه، الحرب التي اندلعت في الـ15 من أبريل 2023 بين حليفين سابقين، وهما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. نشب هذا النزاع بعد أن تمت إزاحة الرئيس البشير عن السلطة في الـ11 من أبريل 2019، من قبل الحلفاء العسكريين، تجاوبا مع الثورة السلمية ضد نظامه (ريم عوض، 2022؛ كاتارينا موستاسيلا، 2019). كان هناك أمل في تحقيق الديمقراطية، وفي سودانٍ موحد، بعد توقيع اتفاق لتقاسم السلطة في الـ7 من غشت 2019، بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير المعارضة (الأمم المتحدة، 2022). كان الهدف من هذا الاتفاق، تشكيل حكومة انتقالية مدتها ثلاث سنوات قبل إجراء انتخابات ديمقراطية. بالرغم من ذلك، توقف مسار الانتقال السياسي في السودان بسبب عدم قدرة القوى السياسية الرئيسية على الاتفاق، بما في ذلك: الجيش، قوى المعارضة، ومجموعات المجتمع المدني (جوناثان توسيل، 2020). تعطلت العملية السياسية بشكل أكبر بسبب الانقلاب عسكري سنة 2021، وبالنزاع المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع. تعكس هذه النزاعات، طبيعة الصراعات بين القادة السودانيين الذين تحركهم مصالح وأولويات مختلفة، تعرقل الانتقال السلس إلى الديمقراطية.

شكل انقلاب الـ25 من أكتوبر 2021 في السودان، عقبة رئيسية أمام المسار الذي أرادت البلاد أن تسلكه نحو الديمقراطية (أمجد الطيب، 2022). ألغى الانقلاب اتفاق تقاسم السلطة، الذي تم بعد الإطاحة بالبشير، ما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ، واعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والمدنيين. شكل قائد الجيش، البرهان، مجلسًا جديدًا بدون أصوات سياسية تذكر، ما تسبب في فَرْمَلَة التقدم الديمقراطي. أضرت هذه الاضطرابات بحياة الناس وبالاقتصاد، ما حطم الآمال في الديمقراطية. رغم ذلك، وافق البرهان، بتاريخ الـ21 من نونبر 2021، على الحكم المدني، مع التخطيط لإجراء انتخابات في يوليوز 2023. تم الإفراج عن المدنيين وعاد حمدوك مجددًا إلى منصبه، لكنه استقال في الثاني من يناير 2022. وتعكس هذه الأحداث، طبيعة التحديات الديمقراطية في السودان، في ظل التدخلات العسكرية والاضطرابات الاقتصادية.

على خلفية هذه الأحداث، شَابَت الهَيْكَلَ الأمني للسودان، خلال عملية الانتقال، انقسامات حادة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقد أدى التوازن النسبي في القدرات والمصالح بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى تفتيت احتكار العنف بين الطرفين (كارل دوسا، 1989؛ إيلك كرامان، 2009؛ وولف 2011). نُوقِشت القضايا الخلافية مثل العدالة الانتقالية والمساءلة والإصلاحات الأمنية، بما في ذلك دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي، خلال اجتماع بين القادة العسكريين والمدنيين في نونبر 2021، وقد شكلت هذه القضايا جزءًا من خطة تهدف إلى العودة إلى حكومة يقودها المدنيون بحلول يناير 2023 (وكالة رويترز، 2023).

كانت إحدى المشكلات الكبرى هي الانقسام بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع حول دمج هذه القوات في الجيش النظامي، في أفق إقامة دولة مدنية في السودان، بعد عزل الزعيم عمر البشير في 2019. لكن بحلول أبريل 2023، تصاعدت التوترات بين هتين المجموعتين بشأن مسألة الدمج، مع تبادل الاتهامات من الجانبين. انتقد الجنرال محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي)، نائب الرئيس وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان بسبب الانقلاب الذي قاده سنة 2021، في المقابل حذر الجيش من أوقات عصيبة مقبلة. أدى هذا الخلاف الحاد بين القائدين العسكريين إلى اندلاع قتال عنيف في الـ15 من أبريل 2023، وسرعان ما تحول إلى حرب شاملة. أصبحت الخرطوم العاصمة، ساحة للمعارك، واتسعت رقعة الاشتباكات بسرعة لِتَعُمَّ مناطق أخرى من البلاد، ما دفع الجيش السوداني لنقل عملياته الرئيسية إلى بورتسودان.

على الرغم من أن الانتقال السياسي الفاشل، والانقلاب العسكري، ومشاكل التحكم في قوات الدعم السريع، كانت من بين العوامل الرئيسية لهذا النزاع الحالي في السودان، إلا أن البرهان ومنافسه من قوات الدعم السريع، يخوضان أساسا صراعًا من أجل الشرعية والدعم كقادة حقيقيين للسودان (مارك إسبانيول، 2024). اليوم، لم تعد الحرب مجرد صراع للسيطرة على المدن والبلدات الاستراتيجية، بل أصبحت نزاعًا على شرعية القيادة، بين الجنرال عبد الفتاح البرهان من الجيش السوداني، ومحمد حمدان دقلو ("حميدتي") من قوات الدعم السريع، حيث يسعى كل طرف لإثبات أنه الزعيم الشرعي للسودان. لقد استمرت الحرب دون توقف خلال سنة 2024، متسببة في أزمة إنسانية غير مسبوقة، وفي نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية. أما اقتصاديًا، فقد دمر النزاع اقتصاد السودان، فارتفعت معدلات الفقر بشكل كبير. ونظرًا لإرث الحكم العسكري والنزاعات الداخلية في السودان، وحقيقة تساوي الطرفين المتحاربين من حيث القوة والأهداف، فقد يؤدي التصعيد العنيف الأخير، ليس فقط إلى عودة البلاد إلى الحكم الاستبدادي وتفكك الدولة، بل قد يؤثر النزاع أيضا على الدول المجاورة في المنطقة. علاوة على ذلك، فإن السودان تحول إلى ساحة لصراعات بالوكالة، تشمل اللاعبين الإقليميين مثل مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة، حيث تتنافس القوى الخارجية على النفوذ والموارد في البلاد. هذا التنافس الجيوسياسي يعقد الوضع أكثر، مما يثير المخاوف من امتداد هذا النزاع إلى دول مجاورة مثل إثيوبيا وإريتريا، وهو ما يؤذن بإمكانية اندلاع حرب إقليمية أوسع. إن التصدي لهذه التحديات الإنسانية والاقتصادية والأمنية، المترابطة بشكل كبير، أمر بالغ الأهمية، من أجل تحقيق الاستقرار في السودان ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام.

التأثير الإقليمي للحرب

يستمر النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ أبريل 2023، في التوسع في جميع أنحاء السودان، وهو ما يؤثر على المنطقة والدول المجاورة. أحد الآثار المترتبة عن النزاع، هو النزوح الداخلي والتدفق العابر للحدود للسودانيين الذين يبحثون عن الأمان في الدول المجاورة. لقد أجبرت حدة النزاع ملايين الأشخاص على الفرار داخل السودان وخارجه. ووفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (فبراير 2024)، تسبب النزاع في السودان، منذ أبريل 2023، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية العالمية من حيث النزوح الداخلي والخارجي. وبحلول شتنبر 2024، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن عدد النازحين بلغ 11.277.221 شخصًا، بينهم 2.907.470 يوجدون في تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 29 شتنبر 2024). من جانبها قدرت المنظمة الدولية للهجرة، في تقريرها الصادر في الثاني من أكتوبر 2024، عدد النازحين بنحو 10,8 مليون شخص، بينهم 2,3 مليون يوجدون في الدول المجاورة (المنظمة الدولية للهجرة، 2 أكتوبر 2024). من ناحية أخرى، تشير التقديرات إلى أن 24,8 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية (23 شتنبر 2024، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية). وعلى الرغم من تقديم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركائها المساعدات الإنسانية للاجئين، إلا أن التدفق عبر الحدود إلى الدول المجاورة، يسبب ضغطا متزايدا على الدول المضيفة ويرهقها. كما تواجه الدول المجاورة، الهَشَّة، أزمات متزايدة بسبب عمليات النزوح المستمرة. وبالإضافة إلى عشرات الآلاف من الأرواح التي فقدت بسبب العنف، فقد تسببت هذه الهجرة-أكبر أزمة نزوح حول العالم (أشيش سين، 2023) -إلى جانب تدفقات اللاجئين، في نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية، مؤدية إلى إثقال كاهل الحكومات الإقليمية ومُقَدِّمِي المساعدات الإنسانية.

علاوة على ذلك، أثارت الحرب مخاوف أمنية على طول حدود السودان، بما في ذلك مع الدول التي تواجه هي نفسها نزاعات مسلحة داخلية نشطة (مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، 2024). وبالنظر إلى الوضع الداخلي غير المستقر وانتشار الجماعات المسلحة في البلدان المجاورة لحدود السودان، تشكل قلق متزايد بشأن تهريب الأسلحة إلى منطقة أمهرة في إثيوبيا عبر الحدود السودانية، بحسب ما أفادت وسائل الإعلام الإثيوبية الرسمية وغير الرسمية. قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع الأمني في الدول المجاورة، حيث قد تساهم الأسلحة المهربة في تأجيج العنف وانتشاره بين الجماعات المسلحة ذات المصالح المتضاربة، وهو ما يعقد كذلك الوضع في السودان. قد يفضي ذلك أيضًا إلى انتشار العنف والمقاتلين عبر الحدود، وهو ما يهدد المنطقة بأكملها من الصومال في الشرق إلى أبعد نقطة في غرب القارة. وعلى الرغم من أن السودان كان يعمل في الماضي كحاجز بين المتطرفين في الصومال على مستوى القرن الإفريقي، والمتطرفين في منطقة الساحل، إلا أن الحرب الدائرة قد تهيئ اليوم أرضية خصبة لتعاون الجماعات المسلحة المتطرفة في المنطقة الممتدة من الشرق إلى الغرب في الساحل الصحراوي (المصدر نفسه). ويفترض هذا الاستنتاج أن الوضع الحالي قد يخلق ظروفًا مواتية لانتشار التطرف العنيف في المنطقة، خاصة بالنظر إلى تاريخ السودان كداعم سابق للنزاعات العنيفة ذات الخلفيات الدينية. إن انتشار التطرف وتهريب الأسلحة، ليست المخاوف الوحيدة الناجمة عن هذا النزاع، بل من الممكن أيضًا أن يتورط العديد من الفاعلين غير الحكوميين في هذه النزاعات. إن احتمال حدوث ذلك واضح، حيث إن قدرة الحكومة السودانية على السيطرة على مراقبة حدودها وإدارتها تتضاءل بسبب الحرب الدائرة. ومن الواضح أن الأنشطة المرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود، بما في ذلك تهريب الأسلحة، ستستمر في الازدهار، ما لم يتم بذل جهود لاستعادة السلام والمؤسسات الحكومية في السودان.

زيادة على ذلك، أثرت الحرب المدمرة على جميع جوانب الاقتصاد السوداني، بما في ذلك القطاعات الصناعية والزراعية والتعدينية والخدماتية. كما عطلت الوصول إلى الخدمات العامة الأساسية، وعرقلت الوصول إلى الأسواق، واستمرت في التسبب في ندرة كبيرة في السلع والخدمات الحيوية (غيو وآخرون، 2023). كلما تصاعد النزاع واستمر بلا توقف، زادت آثاره على اقتصاد البلاد وسبل عيش الناس. وقد توقع المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) أن الاقتصاد السوداني قد خسر نحو 15 مليار دولار حتى نهاية 2023 بسبب الحرب، وهو ما يعادل 48% من الناتج المحلي الإجمالي للسودان. أدى ذلك إلى انخفاض الإنتاج في القطاعات الصناعية والزراعية والخدماتية بنسب تقدر بـ70% و49% و21% على التوالي، مع فقدان 5,2 مليون وظيفة حتى نهاية السنة المالية لـ2023، أي ما يعادل نصف القوة العاملة في البلاد (سيديغ وآخرون، 2023). كما ارتفعت نسبة الفقر إلى 65,6%، وهو ما يعادل 28,4 مليون شخص بنهاية 2023، مقارنة بـ61,1% في 2019، وهو ما كان يعادل 26,4 مليون شخص (سيديغ وآخرون، 2023). واستمر الاقتصاد في الانكماش خلال سنة 2024 بسبب استمرار تصاعد الحرب، وبلا توقف. وقد حذر الخبراء في مركز سوفان (2024)، وهو مركز بحثي غير ربحي مقره نيويورك، من أن النزاع النشط قد يمتد إلى الدول المجاورة، مع احتمال كبير بأن يتحول إلى نزاع إقليمي أوسع.

شهد القرن الإفريقي الأكبر، وما زال، تداخلًا بين مصالح وأهداف القوى الخارجية والقوى المحلية، بما في ذلك الصين، مصر، إثيوبيا، إيران، روسيا، السعودية، تركيا، الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. يعتبر السودان من بين الدول القليلة في منطقة القرن الإفريقي التي تمتلك أراضٍ زراعية شاسعة وقابلة للزراعة على نطاق واسع، مع سهولة الوصول إلى ميناء بورتسودان. لذا فإن السودان يعد نقطة جذب استثمارية بالنسبة لدول الخليج العربي بسبب مجاورتها المباشرة للسودان شرقا. نتيجة لذلك، لعب النزاع في السودان دورًا في هذه التسابق على النفوذ، من أجل الوصول إلى السودان والدول دون-الإقليمية. أصبح السودان الآن ساحة لنزاع بالوكالة بين بعض القوى الإقليمية المتنافسة، حيث يُزعم أن الداعمين الرئيسيين للفصائل المتحاربة في البلاد هم من الدول المجاورة ودول الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة (مجموعة الأزمات الدولية، 2024). كما يُزعم أن مصر وإيران هما الداعمان السياسيان الرئيسيان، أو موردا الأسلحة، للجيش السوداني بقيادة البرهان، بينما تعتبر الإمارات العربية المتحدة الداعم السياسي الرئيسي ومورد الأسلحة لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.

زيادة على ذلك، أفادت وكالة رويترز (لويس، 2024) أنه بينما تدعم تشاد وبعض التحالفات القبلية من دول الجوار الغربي والجنوبي للسودان، مثل ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، فإن الجار الشرقي إريتريا يدعم الجيش السوداني بقيادة البرهان. حافظت إثيوبيا وإسرائيل وكينيا والسعودية وجنوب السودان على علاقات وثيقة مع كلا الجانبين المتحاربين، وحتى الآن ظلت هذه الدول محايدة، على ما يبدو، في محاولة منها للوصول إلى تفاهم بين الطرفين المتنازعين. بالإضافة إلى كون السودان تحول إلى ساحة نزاع بالوكالة بين القوى الخارجية من الشرق الأوسط، قد تُجَر بعض الدول المجاورة، مثل إثيوبيا وإريتريا، إلى هذا النزاع المعقد، في حال ما إذا انتشر العنف بالقرب من مناطقهما الحدودية. بيد أن هذه الدول، حافظت رسمياً، وحتى الآن على موقف الحياد مما يجري. وإذا تم جر إثيوبيا وإريتريا إلى نزاع السودان لأسباب تتعلق بالحدود أو أي سبب آخر، قد يتحول النزاع في السودان إلى حرب إقليمية. وفي هذا السياق حذر الخبراء في مركز سوفان (2024) من أن النزاع النشط قد يتسرب إلى الدول المجاورة، مع إمكانية كبيرة لتطوره إلى نزاع إقليمي أوسع.

إن الموقف المحايد لإثيوبيا تجاه النزاع في السودان ينبع من رغبتها في عدم تصعيد أو تأجيج النزاعات الدبلوماسية المستمرة بينها وبين مصر، أولًا بسبب ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وثانيًا بسبب نزاعها الحدودي مع السودان حول مثلث الفشقة، الذي يَضُم أراضٍ زراعيةً خصبة. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء، أنه رغم إعلان إثيوبيا رسميًا أنها ستظل محايدة في النزاع السوداني، إلا أن هناك تحالفًا غير مباشر بينها وبين الإمارات بالنظر لعلاقاتهما الوثيقة.

الاستجابات الإقليمية والدولية ومحدوديتها

منذ بداية الحرب التي لا تزال رَحَاهَا دائرة، أُطْلِقت عدة مسارات دبلوماسية تهدف إلى إنهاء هذا النزاع المدمر للغاية. وقد تركزت هذه الجهود بشكل أساسي على وقف إنساني فوري لإطلاق النار، لكنها لم تحقق سوى تقدم ضئيل.

حاولت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وهي تكتل دون-إقليمي يمثل منطقة القرن الإفريقي الكبير، ويُعْتَبَر السودان أحد أعضائه، إنهاء الأزمة في هذا البلد. دعت "إيغاد"، بمساندة من جيبوتي وكينيا، إلى عقد اجتماع مباشر بين الأطراف المتحاربة في السودان، لكن دون جدوى. وبعد حوالي شهرين من اندلاع الحرب، اعتمدت "إيغاد" خارطة طريق لحل النزاع في السودان، وذلك خلال دورة جمعيتها العامة الـ14 لرؤساء الدول والحكومات، والتي عقدت في الـ12 من يونيو 2023 في جيبوتي، حيث يوجد مقر "إيغاد". وبناءً على ذلك، عَيَّنَت خارطة الطريق التي تم تبنيها، كلا من: جيبوتي، إثيوبيا (التي لم تكن معينة في البداية، ما تسبب في بعض الخلافات الدبلوماسية)، كينيا، وجنوب السودان، كأعضاء مكونين لوفد "إيغاد" رفيع المستوى، للمساهمة في عملية السلام في السودان. وقد ترأس هذا الوفد الرباعي، الرئيس الكيني ويليام روتو. دعت المجموعة الرباعية إلى الترتيب الفوري لعقد اجتماع وجها لوجه بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي الانتقالي لجمهورية السودان، والفريق أول محمد حمدان دقلو (المعروف، على ناطق واسع، باسم حميدتي)، مع الحصول على التزام من قيادتي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإقامة ممر إنساني، والشروع في عملية سياسية شاملة، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع (إيغاد 2023).

على الرغم من أن الجنرال البرهان كان قد عارض في البداية تولي الرئيس روتو قيادة وفد "إيغاد" رفيع المستوى، بسبب مسائل تتعلق بحيادية كينيا في النزاع السوداني، وادعاءات بوجود علاقات تجارية بين روتو ودقلو، إلا أنه تراجع لاحقاً عن معارضته بعد زيارة كينيا، حيث التقى هناك بالرئيس روتو كجزء من دبلوماسيته المكوكية لإقناع القادة بضرورة عقد قمة لإيغاد، بهدف تسريع مباحثات جدة، ومن أجل وقف إنساني لإطلاق النار. كانت إثيوبيا أيضا (التي كان البرهان قد تجنبها في البداية إلى جانب كينيا) جزءاً من دبلوماسيته المكوكية خلال زيارته إلى نيروبي. في البداية، كانت الدول الإفريقية التي زارها البرهان تشمل: مصر، إريتريا، وجنوب السودان، متجاهلاً كينيا وإثيوبيا.

بناءً على طلب من الجنرال البرهان، عُقدت في الـ9 من شتنبر 2023 في جيبوتي، القمة الاستثنائية الحادية والأربعون لتكتل القرن الإفريقي. وحضر البرهان خلال هذه القمة، وشكل هذا الحضور أول مشاركة له خارج البلاد، منذ اندلاع الحرب. وأثناء هذه القمة، وَرَدَ أن البرهان دخل في نقاش حاد مع بعض القادة الآخرين الحاضرين. كان التركيز في القمة الاستثنائية على اتخاذ تدابير محددة لإنهاء الحرب الدائرة. غير أن الفريق أول البرهان لم يشعر بالارتياح، ورفض البيان الختامي لهذه القمة الاستثنائية، لأنه اعتبر أن مضامين الوثيقة النهائية تعكس بشكل مغلوط نتائج القمة. في المقابل، قبل دقلو البيان الختامي وأعرب عن استعداده للقاء البرهان في أي وقت وأي مكان تحدده "إيغاد". وفي نهاية دجنبر 2023، أدى هذا التجاوب المتباين لطرفي النزاع إلى فشل خارطة طريق "إيغاد"، خاصة خطتها لعقد اجتماع وجها لوجه بين دقلو والبرهان. ورغم الجمود الذي ما زال قائما بين الطرفين، قررت مجموعة "إيغاد" البقاء ملتزمة بشكل نشيط بشؤون السودان، من خلال إحداث إطار عمل "إيغاد" الذي يتألف من دبلوماسيين وسياسيين من المستوى الرفيع (إيغاد 2023).

من بين الجهود الدبلوماسية الأخرى لاستعادة السلام في السودان، هناك هي ما يُعرف بـ"مسار جدة" أو "مباحثات جدة"، التي تُنظم بشكل مشترك من قبل السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وتهدف إلى تأمين هدنة قصيرة الأجل وترتيبات إنسانية. منذ بداية الحرب، تم عقد جولتين من المباحثات في جدة السعودية (من مايو إلى يونيو 2023، ومن أكتوبر إلى نونبر 2023). في ختام الجولة الأولى، نجحت عملية السلام في جدة، والتي توسطت فيها السعودية والولايات المتحدة، في إبرام اتفاق هدنة قصيرة بين الطرفين، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين في النزاع العنيف. تمحورت الجولة الثانية من المباحثات حول وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والشروط اللازمة لإقامة عملية سلام أوسع. خلال هذه الجولة، تمت دعوة "إيغاد" للمشاركة نيابة عن الاتحاد الإفريقي. وفي اجتماع مباحثات جدة الذي عقد في الـ7 من نونبر 2023، تعهدت قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعمل على تسهيل المساعدات الإنسانية، وتنفيذ تدابير لبناء الثقة.

على الرغم من التوقيع على "إعلان الالتزام بحماية المدنيين السودانيين" والاتفاق بشأن "الهدنة قصيرة الأجل والترتيبات الإنسانية" من قبل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الـ11 من ماي 2023 والـ20 من ماي 2023 على التوالي، إلا أن الطرفين لم يتمكنا من الوفاء بوعودهما وفشلا في إسكات صوت البنادق. وقد استمر النزاع العنيف طيلة 2024، ما أدى إلى فشل مسار المباحثات في جدة، وزاد من قلق الأطراف المعنية بالأزمة في السودان. هذا الأمر سيدفع "إيغاد" إلى مراجعة مقاربتها المعتمدة في معالجة الأزمة، وسيدفع بالاتحاد الإفريقي إلى تعزيز جهوده المبذولة لاستعادة السلام والسلطة المدنية في السودان.

وكاستمرارية لـ"مسار جدة"، عقدت في جنيف، مباحثات السلام بشكل مشترك بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بتاريخ الـ23 من غشت 2024. هدفت هذه المباحثات إلى تيسير عقد اجتماع مباشر بين الزعيمين المتحاربين للتوقيع على وقف إطلاق النار وتمهيد الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية. رغم ذلك، انتهت المباحثات في جنيف دون إحراز أي تقدم يذكر بسبب الشرط المسبق للجنرال البرهان القاضي بانسحاب قوات الدعم السريع أولاً من الأراضي التي استولت عليها خلال الحرب. ومن المتوقع أن تستأنف هذه المباحثات في المستقبل، لكن لم يتم تحديد أي موعد لها.

إضافة إلى ذلك، أطلق مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي عملية الاتحاد الإفريقي للسلام في السودان من خلال تبني "خارطة طريق الاتحاد الإفريقي لحل النزاع في السودان". خارطة الطريق الخاصة بالاتحاد الإفريقي كانت أوسع نطاقاً، حيث هدفت إلى إنهاء الحرب من خلال تنفيذ عملية شاملة يَتَمَلكُ السودانيون زمامها، على أن تُنْهِي القتال وتضع السودان على طريق حكامة ديمقراطية يقودها المدنيون (مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، نص بيان مجلس السلم والأمن بشأن الأوضاع في السودان، عقب الاجتماع الـ1156 المنعقد في الـ27 من ماي 2023، المرجع: PSC/HoSG/COMM.1156 (2023)).

دعا مسار الاتحاد الإفريقي الأطراف المعنية في السودان والمجتمع الدولي إلى الالتزام بتنفيذ خارطة طريق الاتحاد الإفريقي. وقد شملت خارطة الطريق العناصر الرئيسية التالية: "1) إحداث آلية تنسيق لضمان توحيد وتكامل جهود الفاعلين الإقليميين والدوليين وجعلها فعالة ومؤثرة؛ 2) وقف فوري ودائم وشامل للأعمال العدائية؛ 3) استجابة إنسانية فعالة؛ 4) حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية؛ 5) دور استراتيجي للدول المجاورة وللمنطقة؛ 6) استئناف عملية انتقال سياسي ذات مصداقية وشاملة، تأخذ بعين الاعتبار الدور المساهم لجميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين السودانيين، بالإضافة إلى الموقعين على اتفاق جوبا للسلام، لتحقيق حكومة مدنية ديمقراطية". (المرجع نفسه، PSC/HoSG/COMM.1156 (2023)).

كانت الشفافية والشمولية من أهم الجوانب التي ميزت عملية تشكيل آلية الاتحاد الإفريقي الموسعة لحل الأزمة السودانية. وهكذا شملت هذه العملية عددًا كبيرًا من الشركاء، بما في ذلك أعضاء الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الإفريقي، "إيغاد"، والأمم المتحدة (وهي المجموعة الأساسية تحت قيادة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي)، والآلية الرباعية (السعودية، الإمارات، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، والترويكا (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والنرويج)، جامعة الدول العربية، الاتحاد الأوروبي، الدول المجاورة للسودان (مصر، إريتريا، إثيوبيا، جنوب السودان، جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، وليبيا)، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، الدول الثلاث الإفريقية في مجلس الأمن (الغابون، غانا، وموزمبيق)، بالإضافة إلى جيبوتي وكينيا (بصفتهما رئيستي خارطة طريق "إيغاد") (مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، نص بيان مجلس السلم والأمن بشأن الأوضاع في السودان، عقب الاجتماع الـ1156 المنعقد في الـ27 من ماي 2023، المرجع: PSC/HoSG/COMM.1156 (2023)).

وعلى الرغم من الجهود المتعددة لتحقيق السلام، بقيت الأطراف المتحاربة متشبثة بالسعي لتحقيق النصر باستعمال الوسائل العسكرية. ورغم تنوع المشاورات واللقاءات والتصريحات والبلاغات الصادرة، لم يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مما حال دون تمكين الوكالات الإنسانية من تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين. ونتيجة لذلك، استمر الصراع المدمر ومعه معاناة الملايين خلال سنة 2024. ويُعزى فشل مبادرات السلام بشكل أساسي إلى المقاربات التي تم اعتمادها.

إن أحد الأسباب الرئيسية لفشل الجهود الدبلوماسية يكمن في أن العديد من المبادرات تمت خارج الأطر القارية ودون-الإقليمية وبعيدا عن آليات منع النزاعات وتسويتها في إفريقيا. ويُعتبر الهيكل الإفريقي للسلم والأمن (APSA) استجابة بنيوية طويلة الأمد للتحديات المتعلقة بالسلم والأمن في القارة. ويشمل هذا الهيكل مجلس السلم والأمن الإفريقي، وهو هيئة دائمة لاتخاذ القرارات تضم عناصر رئيسية تُعنى بمنع النزاعات وإدارتها وتسويتها (المادتان 1 و2 من البروتوكول المتعلق بإنشاء مجلس السلم والأمن). بناءً عليه، يُعد الهيكل الإفريقي للسلم والأمن الإطار الأساسي الذي يعتمد عليه الاتحاد الإفريقي في منع النزاعات وإدارتها وتسويتها.

ورغم أن مسؤولية ضمان السلم والأمن الدوليين تقع أساسًا ضمن نطاق الأمم المتحدة، إلا أنه كان من المنتظر أن يلعب الاتحاد الإفريقي والآليات الإقليمية دورًا رياديًا في منع النزاعات وتسويتها على مستوى القارة. وكما سبق أن صرّح كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة: "يغدو من الضروري أن نعزز من دعم التدابير الإقليمية ودون-الإقليمية في إفريقيا. وهذا الدعم ضروري لأن الأمم المتحدة لا تملك القدرة ولا الموارد التي تمكنها من التصدي لجميع المشاكل التي يحتمل أن تنشأ في القارة الإفريقية. وبالتالي، ينبغي للأمم المتحدة أن تحاول قدر استطاعتها أن تستكمل الجهود الإفريقية، بدلاً من أن تحتكر الجهود المبذولة في أفريقيا لحل مشاكل القارة" (الأمم المتحدة، نظام الوثائق الرسمية، A/52/871–S/1998/318).

وبناءً على هذه الرؤية، كان ينبغي أن تُطلق مباحثات السلام وتُتم في إطار الهيكل الإفريقي للسلم والأمن، وتُدار أساسا من قبل الاتحاد الإفريقي. وعلى الرغم من كون "إيغاد"، باعتبارها كتلة إقليمية، تُعد جزءًا من هذا الهيكل، إلا أن الوضع الخاص في السودان، ومعه تنوع المصالح الجيوسياسية لأعضاء هذه الكتلة، كان يستدعي دورًا قياديًا أكبر للاتحاد الإفريقي، بينما تلعب "إيغاد" دورًا تكميليًا. زيادة على ذلك، فإن عمليات الوساطة غير الإفريقية ونتائجها قد لا تتماشى مع الآليات الإقليمية القائمة، وقد لا تكون ذات آثار طويلة الأمد، حيث إن تلك النتائج قد تتأثر، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالمصالح والمخاوف الخارجية، الصريحة أو الضمنية، التي ساهمت في تفتيت وتعقيد العملية.

التداعيات على الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي وما وراءه

أدى النزاع الدائر في السودان إلى اندلاع أزمة غير مسبوقة، ما دفع بالبلاد إلى حافة التفكك. إضافة إلى الجمود في عملية الانتقال السياسي في السودان، والتأثير المدمر على عشرات الملايين من السودانيين، فإن الحرب تقود البلاد اليوم نحو كارثة، ويثار معها سؤال حول الاستمرارية الفعلية لوجود الدولة.

تكتسي الحرب في السودان أهمية كبيرة أيضًا بالنسبة للسلم والأمن في القرن الإفريقي وما وراءه، وذلك لأن السودان يقع عند مفترق طرق جيو-استراتيجي بين القرن الإفريقي ومنطقة الساحل، وبلدان ما وراء الصحراء الكبرى، والشرق الأوسط، ويحده البحر الأحمر. كما يشارك السودان حدوده مع العديد من البلدان، وهي: جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، مصر، إريتريا، إثيوبيا، ليبيا، وجنوب السودان. وبالتالي فإن الحرب الدائرة في السودان تهدد بتداعيات عابرة للحدود على جميع أنحاء المنطقة. إن بذل كل الجهود الممكنة لوقف الكارثة الناجمة عن النزاع، واستعادة السلام في السودان، سيعود بالنفع ليس فقط على السودان، ولكن أيضًا على منطقة القرن الإفريقي وما وراءها، وذلك للأسباب التالية:

عدد متزايد من الأشخاص الذين سيتم تهجيرهم وسيعبرون الحدود بحثًا عن الحماية، وهو ما يشكل ضغطًا هائلًا على القدرات المحدودة للبلدان المضيفة، في مجال تقديم الحماية والمساعدات الإنسانية الحيوية، بما في ذلك الماء والطعام والمأوى والرعاية الصحية والمواد الإغاثية الأساسية. وبالفعل، تستضيف العديد من هذه البلدان، حتى قبل اندلاع الحرب في السودان، أعدادًا كبيرة من اللاجئين. إن هذا الوضع قد يؤدي في النهاية، إلى زعزعة استقرار المنطقة التي تعيش أصلا وضعا هَشّا؛

- وفقًا لتقييم التهديدات الذي يجريه سنويا "مجتمع الاستخبارات الأمريكي" (2024)، فإنه كلما بقي النزاع في السودان متواصلا، كلما زادت مخاطر امتداده إلى ما وراء حدود السودان، وهو ما سيؤدي إلى خلق عدم استقرار إقليمي، خاصة إذا اقترن ذلك بالوضع الداخلي في إثيوبيا (الجارة الشرقية للسودان)، التي تشهد حاليًا نزاعات متعددة ومتزامنة، حيث سيزبد الأمر من حدة التوترات الطائفية (مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، 2024)؛

- في السودان يلتقي رافدا نهر النيل - النيل الأبيض والنيل الأزرق - ليشكلا نهر النيل، قبل عبوره الحدود السودانية-المصرية. يعتبر السودان مهمًا حينما يتعلق الأمر بالسياسة المائية لنهر النيل. إن عدم استقرار البلاد يمثل عقبة رئيسية أمام إيجاد حل سلمي للجمود الدبلوماسي الحالي بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي يتم بناؤه على النيل الأزرق، وهو ما تترتب عنه تداعيات طويلة الأمد على السلام والأمن الإقليميين والدوليين؛

- يقع السودان أيضًا على طول البحر الأحمر، أحد أهم طرق التجارة البحرية العالمية، حيث يربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا. وقد تعرقل أعمال العنف المتواصلة في السودان هذا الممر البحري المهم وتُعَطِّل حركة البضائع بين أوروبا وآسيا، وتحديداً التجارة البحرية العالمية للنفط، وهو ما يعرض الأمن الطاقي العالمي للخطر؛

- يعني استمرار النزاع في السودان كذلك أن صادرات النفط الخام من جنوب السودان، والتي تتم عبر خط أنابيب نفط النيل العظيم، الذي يمر عبر السودان في اتجاه ميناء بورتسودان، ستتعطل أو ستظل غير مؤكدة، وهو ما ستكون له آثار على اقتصاد جنوب السودان وإمدادات الطاقة بالنسبة للدول المستوردة، بما في ذلك إيطاليا والصين وماليزيا؛

- إن عدم استقرار السودان يجعله أرضًا خصبة لانتعاش الجماعات الجهادية في القرن الإفريقي والساحل (مثل حركة الشباب المجاهدين في الصومال وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي)، وتأسيسها لشبكات مشتركة وقيامها بتنسيق عملياتها عبر الحدود غير المتحكم فيها. بالنظر إلى تاريخ السودان سنوات التسعينات، حينما استضاف مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ومنحه ملاذاً، وبالنظر إلى موقعه الجغرافي الهام وضعف إدارته ومراقبته لحدوده، فإن النزاع داخل هذا البلد سيقوض الجهود التي بذلها الفاعلون الإقليميون والدوليون لمكافحة الأنشطة الخطيرة التي يقوم بها الجهاديون المسلحون في المناطق الجيوسياسية دون-الإقليمية المشار إليها أعلاه؛

- من شأن زيادة الحركة عبر الحدود وضعف السيطرة عليها بسبب النزاع في السودان، أن يهيئ الظروف المواتية لانتشار الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بما في ذلك: تهريب الأسلحة الصغيرة والخفيفة، تهريب المخدرات، الاتجار في البشر، وغسيل الأموال، ما قد تكون له تأثيرات غير مباشرة وعابرة للحدود، على مستوى منطقتي القرن الإفريقي والساحل والصحراء؛

- قد يتحول النزاع في السودان إلى حرب بالوكالة، نظرًا للتنافس والتباري بين القوى الدولية والإقليمية، للهيمنة على النفوذ والوصول إلى منطقة القرن الإفريقي. وهكذا قد تصبح بعض الأطراف الخارجية متورطة وتدعم أحد الجانبين المتحاربين في النزاع السوداني، مما سيعقد جهود إحلال السلام في البلاد.

يتوقف اتضاح آفاق السلام والأمن في السودان وتأثيرها على منطقة القرن الإفريقي، على مدى تمكن الاتحاد الإفريقي، في إطار آلية منع وتسوية النزاعات التابعة له، على قيادة وتوطيد مبادرات السلام المتعثرة بشكل فعال في اتجاه عملية شاملة تحت راية الاتحاد الإفريقي، وذلك بالتعاون مع الشركاء الدوليين (مثل الأمم المتحدة) والإقليميين (مثل إيغاد)، وأصحاب المصلحة متعددي الأطراف والثنائيين في السودان. كما أن الأمر مرتبط بمدى تَمَلُّك الشعب السوداني للعملية، واضطلاعه بدور قيادي في حل مشكلته، وهو أمر يعتمد أيضًا على البيئة التمكينية التي سيخلقها الاتحاد الإفريقي. من منظور الثقة، ستكون الأطراف في النزاع السوداني أكثر ارتياحًا للعملية إذا كانت ستتم برعاية الاتحاد الإفريقي بدلاً من "إيغاد"، التي تبدو مظاهر التنافس ومشاعر العدائية الجيوسياسية الإقليمية بادية عليها للعيان. إذا استمرت عمليات ومسارات السلام المتعددة، فإن إمكانية التوصل إلى حل سلمي للنزاع في السودان ستظل ضئيلة وفي مهب الرياح.

من ناحية أخرى، أصبح القرن الإفريقي تدريجيًا، بسبب تأثير العديد من العوامل الجيوسياسية الهامة، مسرحًا للتنافس الإقليمي والدولي، حول المصالح والاهتمامات الاستراتيجية. لقد ساهم هذا التوجه في إشعال التنافس وتوتر العلاقات بين القوى الدولية والإقليمية، ما حول المنطقة إلى واحدة من أكثر المناطق عَسْكَرَةً في العالم، مع إمكانية نشوب مواجهات دبلوماسية وعسكرية، سواء بشكل مباشر أو بالوكالة، وهو ما قد يقوض أي مبادرة سلام ينفذها الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة. في سياق السودان، قد تكون هناك احتمالية لأن تقوم بعض القوى الخارجية بتزويد المجموعتين المتحاربتين، أو أي طرف آخر محتمل في النزاع، بالعَتَاد، ما سيعقد أي عملية سلام مستقبلية في البلاد.

المراجع

- الأمم المتحدة. "الفصائل السودانية تبدأ مباحثات بشأن اتفاق نهائي بشأن المرحلة الانتقالية"، رويترز، 9 يناير 2023. https://www.reuters.com/world/africa/sudan-factions-start-talks-final-transition-deal-2023-01-09/.

- ("حذر الخبراء من أن النزاع النشط قد يمتد إلى الدول المجاورة، مع احتمال كبير أن يتطور إلى نزاع إقليمي أوسع.) مركز سوفان، 2024، https://thesoufancenter.org/intelbrief-2024-april-3/#:~:text=Experts%20have%20warned%20that%20the,into%20a%20wider%20regional%20conflict.

- مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، "نص بيان مجلس السلم والأمن بشأن الأوضاع في السودان، عقب الاجتماع الـ1156 المنعقد في الـ27 من ماي 2023، المرجع: PSC/HoSG/COMM.1156 (2023).

- ميثاق الأمم المتحدة، 1945.

- دوسزا، كارل. "Max Weber's Conception of the State" (تصور ماكس فيبر للدولة)، International Journal of Politics, Culture, and Society-المجلة الدولية للسياسة والثقافة والمجتمع 3، العدد 1 (خريف 1989): 71-105. تم الاطلاع على المقالة في الـ6 من مارس 2024. https://www.jstor.org/stable/20006938.

- الطيب، أمجد فريد. "Back to barracks: Building democracy after the military coup in Sudan" (العودة إلى الثكنات: بناء الديمقراطية بعد الانقلاب العسكري في السودان). المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ECFR، https://ecfr.eu/publication/back-to-barracks-building-democracy-after-the-military-coup-in-sudan/، 3 نونبر 2022.

- مارك إسبانيول. "Inside Burhan’s Quest for International Legitimacy in Sudan". (داخل سعي البرهان للشرعية الدولية في السودان)، العربي الجديد، 2 أكتوبر 2023. تم الاطلاع على المقال في الـ22 من أبريل 2024. https://www.newarab.com/analysis/inside-burhans-quest-international-legitimacy-sudan.

- جو قو، وآخرون. "Monitoring Indicators of Economic Activities in Sudan Amidst Ongoing Conflict Using Satellite Data" (رصد مؤشرات النشاط الاقتصادي في السودان في ظل الصراع الدائر، باستخدام بيانات الأقمار الصناعية). مجلة Defence and Peace Economics-اقتصاديات الدفاع والسلام، 2023، الصفحات 1-17. doi:10.1080/10242694.2023.2290474. للاطلاع على المقال بالعربية: https://cgspace.cgiar.org/server/api/core/bitstreams/eea3dadf-8d3c-4e0f-84d4-e0fcc096d9c8/content.

- كراهمان، إلكه. "Private Security Companies and the State Monopoly on Violence: A Case of Norm Change?" (شركات الأمن الخاصة واحتكار الدولة للعنف: هل هي حالة تغيير في المعايير؟) 2009. تم الاطلاع على المقالة في الـ10 من مارس 2024. http://www.jstor.com/stable/resrep14522.4.

- الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، البيان الختامي للجلسة الاستثنائية الـ41 لمجل رؤساء الدول والحكومات التابع لإيغاد، 09.12.2023.

- الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، بيان مشترك بشأن التزامات مباحثات جدة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. 7 نونبر 2023.

- الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، البيان الختامي للجلسة الاستثنائية الـ41 لمجل رؤساء الدول والحكومات التابع لإيغاد، 12 يونيو 2023.

- International Crisis Group-مجموعة الأزمات الدولية. "Time to Try Again to End Sudan’s War" (حان الوقت لمحاولة إنهاء حرب السودان.)، 21 يوليو 2023.

- المنظمة الدولية للهجرة. "Sudan - Regional Crisis Response Situation Update #46" (السودان-تحديث بشأن وضع الاستجابة للأزمة الإقليمية-رقم 46)، تم الاطلاع عليه في الـ22 من أبريل 2024. https://sudan.iom.int/sites/g/files/tmzbdl1606/files/documents/2024-04/sudan-regional-crisis-response-situation-update-46_0.pdf.

- دوغلاس إتش-جونسن. 2016. "The Root Causes of Sudan’s Conflicts: Old Wars and New Wars" (الأسباب الجذرية للنزاعات في السودان: الحروب القديمة والحروب الجديدة) جيمس كاري، الولايات المتحدة الأمريكية. https://boydellandbrewer.com/9781847011510/the-root-causes-of-sudans-civil-wars/.

- إيدن لويس. "Sudan’s Conflict: Who Is Backing the Rival Commanders?" (نزاع السودان: من يدعم القادة الغُرَمَاء؟"، رويترز، 12 أبريل 2024. https://www.reuters.com/world/africa/sudans-conflict-whos-backing-rival-commanders-2023-05-03/.

- كاتارينا موستاسيلتا. 2019. "Three Scenarios for Sudan: From Non-violent Revolution to Democratic Reform?"- (ثلاثة سيناريوهات للسودان: من الثورة غير العنيفة إلى الإصلاح الديمقراطي؟). معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية (EUISS). تم الاطلاع عليه من خلال الرابط التالي: http://www.jstor.com/stable/resrep21116.

- ريم عوض. 2022. The Power of Non-Violence: Silmiya & the Sudanese Revolution."-(قوة اللاعنف السلمية والثورة السودانية.)، مجلة Conflict, Security & Development-النزاع، الأمن والتنمية 22، العدد 1: 1-21. 1-21DOI: 10.1080/14678802.2022.2034368. المقال بالعربية: https://www.medameek.com/?p=92583.

- آشيش كومار سين. "Civil War Pushes Sudan to the Brink of Humanitarian Disaster"-(الحرب الأهلية تدفع السودان إلى حافة الكارثة الإنسانية.)، معهد الولايات المتحدة للسلام-USIP، 22 نونبر 2023. https://www.usip.org/publications/2023/11/civil-war-pushes-sudan-brink-humanitarian-disaster.

- خالد صديق، وآخرون. "The economy-wide impact of Sudan’s ongoing conflict: Implications on economic activity, agrifood system and poverty"-(أثر الصراع الدائر في السودان على مستوى النشاط الاقتصادي وحدة الفقر.)، ورقة عمل SSP السودان 12. الخرطوم، السودان، المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية-IFPRI، 2023. رابط الورقة بالعربية: https://ebrary.ifpri.org/utils/getfile/collection/p15738coll2/id/136915/filename/137125.pdf.

- الاتحاد الإفريقي، البروتوكول المتعلق بإنشاء مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، يوليوز 2002.

- جوناثان توسل. 2020. "Consolidating Sudan’s Transition: A Question of Legitimacy."- (توطيد الانتقال في السودان: مسألة شرعية.)، معهدClingendael -كلينغنديل. تم الاطلاع عليه من خلال الرابط التالي: http://www.jstor.com/stable/resrep21328..

- المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. "حالة الطوارئ-السودان." تم الاطلاع عليه في الـ22 من أبريل 2024، من خلال الرابط التالي: https://www.unhcr.org/ar/emergencies/sudan-emergency.

- الأمم المتحدة، نظام الوثائق الرسمية، A/52/871–S/1998/318.

- الأمم المتحدة. "تغطية الاجتماعات والبيانات الصحفية، مجلس الأمن، الاجتماع 9211، SC/15131." 7دجنبر 2022.

- المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، بوابة البيانات التشغيلية، الوضع في السودان، http://data.unhcr.org/en/situations/sudan.

- الولايات المتحدة الأمريكية، مكتب مدير المخابرات الوطنية. Annual Threat Assessment of the US Intelligence Community"-(التقييم السنوي للتهديدات من مجتمع الاستخبارات الأمريكية.) ، 5 فبراير 2024.

RELATED CONTENT

  • Authors
    August 11, 2021
    The ongoing war in the Tigray region of Ethiopia has resulted in the world’s worst humanitarian crisis in a decade. The escalating conflict has led to the death and displacement of thousands of civilians, raised ethnic tensions in Ethiopia, and caused a food crisis that could lead to widespread famine. Much can be said about this conflict—how it revolves around models of governance and conflicting visions of self-determination, and how its impact will be felt across the region. Here ...
  • July 26, 2021
    La région nord-est du Mozambique, Cabo Delgado, est, depuis 2017, le théâtre d’une insurrection meurtrière, menée par un groupe, connu sous le nom de Ahlu Sunna Wal Jamaa et que la population locale dénomme « Al Shabab ». Considérée comme la plus pauvre du pays, cette région abrite une population à majorité musulmane et qui reste marginalisée dans les politiques publiques de développement du Gouvernement, malgré l’exploitation intensive des importantes ressources naturelles de son s ...
  • May 20, 2021
    The fourth edition of the African Peace & Security Annual Conference (APSACO) was held on September 23-25, 2020 under the theme ‘COVID-19 & Security in Africa.’ The three-day event, organized by the Policy Center for the New South (PCNS), was composed of two panels and two workshops: - Panel 1: The Security Sector in Africa During and After the COVID-19 Health Crisis - Panel 2: The Privatization of Violence in Africa: Non-State Armed Groups and Private Security - Workshop ...
  • May 4, 2021
    The Sahelian states of Niger, Mali, and Burkina Faso continue to face unprecedented violence arising from multidimensional conflicts. According to the Africa Center for Strategic Studies (2019), “the Sahel has experienced the most rapid increase in activity by militant groups of any region in Africa in recent years. Violent events involving extremist groups in the region have doubled every year since 2015”. In addition to the presence of multiple violent extremist organizations (VEO ...
  • April 20, 2021
    سيخصص برنامج حديث الثلاثاء حلقته لهذا الأسبوع إلى تحليل ومناقشة تمدد التنظيمات الإرهابية بإفريقيا وتداعياتها على الأمن القاري باستضافة عبد الحق باسو، باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد. إن توالي الأزمات تؤثر على الأمن بالقارة الإفريقية بالإضافة إلى تنامي نشاط الجماعات الإرهاب...
  • Authors
    March 24, 2021
    Tillabéri region of Niger is witnessing unprecedented level of ethnic-based violence. The January 2 massacre caught the national and international actors’ attention, however; the event was preventable. Accessing communities through ethnically charged and other exploitative language has proved to be a game changer for the expansion of violent extremist organizations (VEOs) expansion since 2012. The failure of national and international actors to recognize the seriousness of the situa ...
  • Authors
    Sabine Cessou
    January 4, 2021
    Mali, Niger, Burkina Faso… L’insécurité fait tache d’huile au Sahel, menaçant de s’étendre aux pays du Golfe de Guinée. Le terrorisme a entraîné la formation de milices d’auto-défense communautaires, et ainsi créé des « friches » sécuritaires dans tout le Sahel, du Bassin du lac Tchad à la région du Liptako-Gourma. Les budgets consacrés à la défense augmentent, contrairement à ceux qui soutiennent le capital humain, santé et éducation. Dans un contexte de croissance démographique so ...
  • Authors
    December 22, 2020
    “When I got home late that night, the house was dark and Michelle was already asleep. After taking a shower and going through a stack of mail, I slipped under the covers and began drifting off. In that luminal space between wakefulness and sleep, I imagined myself stepping toward a portal of some sort, a bright and cold and airless place, uninhabited and severed from the world. And behind me, out of the darkness, I heard a voice, sharp and clear, as if someone were right next to me, ...
  • December 16, 2020
    President Trump may not enact his threatened US drawdown of troops from the Sahel, but President Biden will still face pressure to end America’s “forever wars” and reduce the number of American lives and treasure lost to fighting terrorism in Africa. If the United States pulls back from...
  • Authors
    November 19, 2020
    In October 2014, Burkina Faso entered a new era when a social uprising resulted in the overthrow after 27 years of President Blaise Compaoré. The uprising was triggered by Compaoré’s attempt to amend the constitution so he could run for another term. In late 2015, Roch Marc Christian Kaboré was elected and sworn as a new president with high hopes for a new Burkina Faso. Corruption, democratic reforms, poverty, and economic development dominated President Kaboré’s inauguration speech ...