Publications /
Policy Brief
يُقدر التأثير الإجمالي للزلزال على النمو بحوالي 0.24-% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023.
بسبب التركيز المكاني للزلزال، شهد إقليم الحوز جهة مراكش خسائر في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنسبة 10.2-% و1.3-% على التوالي.
سيكون لبرنامج الاعمار الذي تبلغ قيمته 120 مليار درهم مغربي تأثيرات إيجابية على النمو الاقتصادي الوطني من عام 2023 إلى 2028، لكن حجمها يبقى رهينا بشكل كبير بالقرار المتعلق بحزمة التمويل، سواء كان من خلال أموال جديدة (دين) أو إعادة تخصيص الاستثمارات من المناطق غير المتضررة إلى المناطق المتضررة.
ومع ذلك، فإن منطقة الأطلس الكبير تبقى مستفيدة وبشكل لافت من هذا البرنامج كيفما كانت طريقة تمويله.
مقدمة
امتدت تأثيرات زلزال الحوز 2023 إلى ما بعد الخسائر البشرية لتشمل أضرارًا مادية كبيرة. استجابة لذلك، أطلقت السلطات المغربية خطة إعادة إعمار طموحة لمدة خمس سنوات، "برنامج إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة"، بميزانية تبلغ 120 مليار درهم مغربي، أي ما يعادل 11.7 مليار دولار أمريكي. ستستهدف الموارد المساعدة الطارئة للعائلات والمساعدة المالية للإسكان، بالإضافة إلى إعادة بناء وتجويد البنية التحتية، بهدف رفع المناطق المتضررة وإعادتها إلى حالتها الأصلية. سيتم تخصيص هذه الموارد ايضا لتنمية المناطق الإقليمية وتعزيز الأنشطة الاقتصادية في أقاليم الأطلس الكبير. يسعى البرنامج إلى تحسين البنية التحتية، تعزيز الأنشطة الزراعية والسياحية، إعادة تأهيل المناطق الحضرية والمدن التاريخية، وتحسين جودة الخدمات العامة.
في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد (PCNS)، قمنا بإنجاز تقرير شامل يوفر تقييمًا اقتصاديًا لتأثيرات الزلزال، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة لخطة إعادة الإعمار. يلخص هذا (PB)الموجز السياساتي أهم نتائجنا.
الأضرار المباشرة والغير المباشرة: 2023
يُعد تحديد الخسائر الاقتصادية أمرًا ضروريًا لقياس ضعف الأفراد والمجتمعات، وتقييم جدوى التخفيف، وتحديد مستوى المساعدة الكافية للتخفيف من وطأة الكوارث، وإبلاغ شركات التأمين بمسؤوليتها المحتملة، وتنوير صناع السياسات بشكل عام (روز، 2004). تمثل التكلفة المباشرة للزلزال في الأقاليم المتضررة التقديرات اللازمة لإعادة البنية التحتية إلى مستواها قبل الزلزال. في هذا الصدد، تمركزت خسائر البنية التحتية حول مركز الزلزال في الحوز، تليها الأقاليم المجاورة، خاصة تارودانت وشيشاوة.
فيما يتعلق بالتكلفة غير المباشرة للزلزال، عند مقارنة السيناريو الأساسي (الذي يفترض عدم حدوث الزلزال) مع الواقع (الزلزال يحدث فعليًا)، تشير نتائج المحاكاة إلى خسارة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ حوالي 0.24%، ما يعادل حوالي 3 مليارات درهم مغربي في عام 2023. نتيجة لذلك، انخفض النشاط الاقتصادي في جهة مراكش بنسبة 1.3%، بينما فقد إقليم الحوز حوالي 10.2% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي. سجلت الأقاليم المتبقية في المغرب خسائر أقل حجمًا، تتناسب مع ارتباطاتها مع الأقاليم المتضررة. سجل إقليم الحوز 53% من إجمالي خسائر الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بين المناطق الست الأكثر تضررًا، أي حوالي 1.2 مليار درهم مغربي. تلاها إقليم تارودانت بخسارة في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بلغت 739 مليون درهم. فيما واجهت الأقاليم المتبقية—شيشاوة، مراكش، ورزازات وأزيلال—مجتمعة خسارة في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي تقدر بحوالي 305 مليون درهم.
تأثير "برنامج إعادة الإعمار وتأهيل المناطق المتضررة"
أطلقت السلطات المغربية خطة إعادة إعمار لمدة خمس سنوات، بميزانية تبلغ 120 مليار درهم. ستُقسم الميزانية إلى ركيزتين رئيسيتين: 22 مليار درهم للمساعدة الطارئة للأسر وإعادة بناء البنية التحتية، و98 مليار درهم مغربي مخصصة لترقية منطقة الأطلس الكبير.
الركيزة الأولى: 22 مليار درهم مغربي
تشمل الركيزة الأولى من خطة إعادة الإعمار المساعدة الطارئة للأسر والمساعدة المالية للإسكان بقيمة إجمالية تبلغ 8 مليارات درهم مغربي خلال الفترة 2023-2024، و14 مليار درهم مغربي لإعادة بناء و النهوض بالحركة الاقتصادية بالمنطقة من 2023 إلى 2028. تشير نتائج المحاكاة للركيزة الأولى إلى أن حقن 22 مليار درهم في الاقتصاد المغربي سيؤدي إلى زيادة في النمو بنسبة 0.1 نقطة مئوية على المستوى الوطني وزيادة بنسبة 1.2 نقطة مئوية في النمو لمناطق الأطلس الكبير في المتوسط بين 2024 و2028. عند الانتقال من المستوى الوطني إلى المستوى الإقليمي، تزداد الفروق في النمو بشكل كبير (الشكل 2-4). يرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أن الأقاليم الأكثر تضررًا—الحوز، شيشاوة، وتارودانت—ستحصل على الجزء الأكبر من خطة التعافي البالغة 22 مليار درهم مغربي.
الركيزة الثانية: 98 مليار درهم مغربي
تشمل الركيزة الثانية 98 مليار درهم تهدف إلى تحفيز وتعزيز النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء منطقة الأطلس الكبير. نظرًا لعدم توفر معلومات دقيقة عن تخصيص هذه الأموال وطريقة تمويلها، سنأخذ في الاعتبار ثلاثة سيناريوهات افتراضية. السيناريو الأول يفترض أن يتم تمويل 98 مليار درهم مغربي بالكامل من خلال موارد جديدة، مثل الديون. السيناريو الثاني يتضمن تقسيم 98 مليار درهم مغربي بالتساوي بين تمويل جديد (50%) وإعادة تخصيص الاستثمارات الحالية (50%). السيناريو الثالث يتصور تمويلًا بالكامل من خلال إعادة تخصيص الاستثمارات الحالية.
التأثير الوطني
تشير محاكاة النمو على المستوى الوطني، والتي تتضمن تأثيرات كل من الركيزتين (1 و 2)، إلى أن التأثير الإجمالي يختلف بشكل كبير بناءً على سيناريو التمويل. يتراوح ذلك بين زيادة قدرها 0.4 نقطة مئوية في المتوسط لسيناريو "الأموال الجديدة" إلى 0.03 نقطة مئوية لسيناريو "إعادة التخصيص" خلال الفترة 2024-2028.
ينشأ التباين الكبير في الحجم بين السيناريوهين المتطرفين—الأموال الجديدة وإعادة التخصيص الكامل للاستثمارات—لأن الأول يمثل سيناريو افتراضيًا حيث تضخ الحكومة حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد كأموال جديدة. في المقابل، يتضمن الأخير إعادة تخصيص لأموال الاستثمار من المناطق غير المتضررة إلى المناطق المتضررة، مما يُتوقع أن يولد تأثيرات إيجابية متواضعة فقط على النمو الوطني.
التأثير الإقليمي
بالنسبة لمحافظات الأطلس الكبير، تُظهر محاكاة النمو التي تشمل تأثيرات كل من الركيزتين (1 و 2) تأثيرات إيجابية على النمو عبر جميع سيناريوهات التمويل. هذا لأن هذه الأقاليم هي المستفيدة من التمويل، بغض النظر عن مصدره، مما يؤدي إلى اختلافات طفيفة بين سيناريوهات التمويل المختلفة.
مناقشة
قمنا بتقييم التأثيرات الاقتصادية لزلزال الحوز من حيث خسائر الإنتاج المباشرة وغير المباشرة على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية باستخدام نموذج متعدد القطاعات والمناطق للمغرب. تشير نتائجنا إلى أن هذه الكارثة الطبيعية ستكلف 0.24% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب في 2023، مما يؤدي إلى انخفاض بنسبة 1.3% في الناتج المحلي الإجمالي لجهة مراكش-آسفي و10.2% في النشاط الاقتصادي في إقليم الحوز. بالنظر إلى هذه التقديرات، يمكننا استنتاج أن زلزال 8 سبتمبر كان مأساة إنسانية أكثر من كارثة اقتصادية، خاصة على المستوى الكلي. يدعم هذا الاستنتاج أيضًا تحليل المؤشرات المالية عالية التردد، التي تُظهر الطبيعة المرنة للاقتصاد المغربي بعد الكارثة.
ثانيًا، قمنا بدراسة "برنامج إعادة الإعمار وتأهيل المناطق المتضررة"، الذي يخصص 120 مليار درهم للمساعدات الطارئة قصيرة الأجل للأسر، والمساعدة المالية لإعادة بناء الإسكان، وإعادة بناء وتجويد البنية التحتية على المدى المتوسط إلى الطويل في المناطق المتضررة، بالإضافة إلى تعزيز النشاط الاقتصادي في باقي أقاليم الأطلس الكبير. قمنا بتقييم التأثير الاقتصادي لخطة التعافي من خلال ركائزها الرئيسية مع الأخذ في الاعتبار فرضيات مختلفة لخطة التمويل للركيزة الثانية، بدءًا من حقن جديد للأموال في الاقتصاد (أي الديون) إلى إعادة تخصيص كلي للاستثمارات من المناطق غير المتضررة إلى المناطق المتضررة. بالنظر إلى تركيز المغرب على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي واستدامة الديون، من المعقول أن نفترض أن تمويل الركيزة الثانية (98 مليار درهم مغربي) سيأتي أساسًا من إعادة تخصيص الاستثمارات بدلاً من زيادة الديون.
بالتركيز على هذا السيناريو، تشير نتائجنا إلى أن خطة التعافي سيكون لها تأثير إيجابي طفيف فقط على النمو على المستوى الوطني، بزيادة متوسطة قدرها 0.03 نقطة مئوية خلال الفترة 2024-2028. بالنسبة لأقاليم الأطلس الكبير، من المتوقع أن تزداد معدلات النمو بشكل كبير بفضل خطة التعافي، بغض النظر عن سيناريو التمويل.
أخيرًا، سيحتاج صانعو السياسات إلى مواجهة مقايضة بين الفعالية والإنصاف عند إعادة تخصيص الموارد من المناطق غير المتضررة (وعالية الإنتاجية) إلى المناطق المتضررة (والأقل إنتاجية). بالنظر إلى اهداف السياسات العمومية لتقليص الفجوات الإقليمية والحاجة إلى الدفع بالمناطق الأقل تطورًا إلى في مواكبة ركب النمو، قد يكون من الحكمة إعطاء الأولوية للإنصاف على الفعالية في هذه الظروف.