حديث الثلاثاء: تحديات تدبير التراث الثقافي في المغرب في ظل الصناعات الثقافية والإبداعية
يزخر المغرب بتراث ثقافي جعله يتبوأ بأعلى المراتب على الصعيد الإفريقي من حيث عدد التسجيلات الثقافية على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهو الشيء الذي مكن المغرب من إطلاق مجموعة من المشاريع والمبادرات المؤطـرة التي يتم دعمها وطنيا ودوليا. وعلى الرغم من هذه الدينامية الإيجابية التي مكنت من التعرف على العديد من عناصر التراث الثقافي المادي واللامادي، نتساءل عن إمكانية تحويل هذا التراث إلى ثروة مادية وكذا آليات تدبيره وتثمينه حتى ينضم إلى محركات عجلة التنمية. فعلـى الرغـم مـن التقـدم الـذي تـم إحـرازه، هنـاك العديـد مـن أوجـه الضعـف التـي تعيـق استغلال كافـة الإمكانـات التـي ينطـوي عليهـا التـراث الثقافـي الوطنـي. فهل هناك رؤية شاملة لأنماط تدبير التراث وطرق حكامته ومسالك تمويله؟ كيف يمكن تعزيز دينامية المؤسسات المعنية ووسائل العمل الإجرائية لخدمة التراث الثقافي حتى لا يقتصر على الطابــع الفلكلــوري الاســتهلاكي الــذي مــن شــأنه تقليــص التأثيــر الثقافــي علــى المجتمـع وكسـر سلسـلة نقـل هذا التراث بيـن الأجيـال؟ ثم باعتبار المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث مرجعية في مجال التكوين في مهن التراث الثقافي، ما هو العرض الأكاديمي الذي يقدمه المعهد للشباب حتى يواجه تحديات سوق الشغل خاصة في قطاع لا زال يعاني من قلة الموارد سواء المالية أو التقنية مقارنة بالقطاعات الأخرى؟ كذلك، بالنظر إلى مساهمة التكنولوجيات ووسائل الإعلام والمحتويات الرقمية في تثمين التراث الثقافي، نرى بروز استعمالات الذكاء الاصطناعي على المستوى الابداعي ونتساءل عن مدى اتخاد هذه الأبعاد كآليات لتثمين التراث الثقافي وأين تتجلى حدودها نظرا أن التراث مرتبط جدا بالإنسان في طريقة عيشه وسلوكه وتعبيره وقابلية تكيفه ونقله الحفاظ عليه؟ وأخيرا، كيف يساهم التراث الثقافي في تعزيز القوة الناعمة للمغرب خارجيا وإسهام عروضه الثقافية بشكل مندمج ومتكامل في إقرار نموذج ثقافي تنموي يدخل ضمن نماذج الصناعات الثقافية والإبداعية؟