Publications /
Opinion

Back
الغير متوقع والعولمة المتقدمة
May 26, 2020

يتطابق القرن الواحد والعشرين مع "المرحلة القصوى" للعولمة عبر كل أبعادها في مجالات الإنتاج والتبادل والتكنولوجيا والثقافة. ومع تقدمها السريع أصبحت العولمة أكثر "تعقيدا" ومحملة بكثير من "اللايقين". هكذا أصبح الغير متوقع السمة الغالبة للتطورات الجيوسياسية والاقتصادية في عهدنا.

لقد عرف العالم منذ بداية القرن، أي خلال عشرين سنة فقط ثلاثة هزات قوية وغير متوقعة.

أولها تمثل في حدث جيوسياسي غير مسبوق عبر اعتداءات 11 شتنبر 2001 التي ضربت مدينة نيويورك، والثانية تمثلت في الأزمة الاقتصادية لسنة 2008 والتي انطلقت من المركب التمويلي الأمريكي، والثالثة اندلعت سنة 2020 في شكل أزمة صحية انطلقت من الصين الشعبية وتحولت الى جائحة انتشرت عبر العالم فارضة على ساكنته حجرا صحيا معولما وإثره انكماشا جديدا للحياة الاقتصادية.

إن توالي هذه الصدمات الثلاث دون سابق إنذار ساهم في الحد من الهيمنة المطلقة للغرب (الولايات المتحدة) لصالح البلدان الأسيوية التي أصبحت أكثر فعالية (الصين).

هكذا عجل العهد العالمي لغير المتوقع بإدخال تغييرات في توازن القوى الجيواقتصادية، رغم أن بوادر توزيع جديد للأوراق ظهرت منذ تسعينات القرن الماضي. فهل أصبح غير المتوقع وليد تسريع العولمة في معمور يسير الآن بدون بوصلة؟

للتذكير، شيدت أسس الحكامة العالمية غداة نهاية الحرب الثانية. على المستوى السياسي وضعت القوتان الأساسيتان المنتصرتان (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي) ضوابط منظومة تعددية الأطراف عبر مؤسسة الأمم المتحدة. وعلى المستوى الاقتصادي تكلفت الولايات المتحدة ومعها الغرب كله بإحداث منظومات التدبير والضبط ماليا (صندوق النقد الدولي) واقتصاديا (البنك العالمي) وتجاريا (الغاط وبعده المنظمة العالمية للتجارة). فيما انخرطت شعوب المستعمرات في كفاحها من أجل الاستقلال واجتمعت بعد ذلك انطلاقا من مؤتمر باندونغ (1955) حول مفهوم العالم الثالث.

هكذا أصبح كل شيء مؤطرا. وفرضت ثنائية القطبية استراتيجية ستعينها على تدبير العالم. فلم يكن هناك حدث غير منتظر أو غير محتمل.

عرف العالم قبل نهاية القرن العشرين تحولات كبيرة: الانهيار (الغير متوقع) للمنظومة السوفياتية، صعود الاقتصادات المنبثقة وعلى رأسها الصين، تراكم الثروات الريعية لدى البلدان النفطية. كل ذلك ساهم في تلاشي الوحدة الشكلية للعالم الثالث.

منذ 1973 بدأت بوادر تراكم الإختلالات على مستوى المالية العمومية والأداءات الخارجية تؤشر الى أول إجهاض للاقتصاد الأمريكي في ذات الوقت الذي تأكدت فيه طفرة الاقتصاد الياباني والأوروبي. لكن انخراط الولايات المتحدة سنة 1981 في التوجهات النيوليبرالية وانهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991 سمحا للطرف الأمريكي بأخذ المبادرة من جديد وتثبيت موقعه الريادي اقتصاديا وجيوسياسيا فارضا على العالم "هيمنته المطلقة" (فيدرين). هكذا أصبح العالم لمدة عقدين خاضعا لقطبية أحادية.

الحضور المستمر للغير متوقع  

جاءت اعتداءات 11 شتنبر 2001 بكارثة عنيفة وغير متوقعة ولا مسبوقة وكرست بزوغ راديكالية اعتبرت نفسها كجواب احتجاجي ضد الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة وكل ما أفرزته من إهانات (القضية الفلسطينية) ومن تفاقم اللامساواة بالعالم على كل المستويات.

ثم جاءت الازمة الاقتصادية لسنة 2008 دون أن تكون منتظرة. ففضحت انحرافات العولمة بسبب "الأمولة" المسرفة للحياة الاقتصادية وتفاقم الفوارق الاجتماعية بفعل انتصار توجهات نيوليبرالية عالميا.

وجاءت أزمة 2020 التي أفرزتها جائحة كوفيد 19 دون أن تكون بدورها منتظرة. فأبرزت بوضوح مدى هشاشة الانسان خلال المرحلة المتقدمة للعولمة وكسرت سلسلة القيم العالمية منذ ميلادها لأنها انطلقت من قلب إحدى المعامل الكبرى بالعالم (هويان) ثم فرضت حجرا صحيا معولما وتجميدا للنشاط الاقتصادي العالمي.

هكذا نرى أن اللامتوقع أصبح يطبع مسار العالم منذ عقدين ويفرض نفسه على حياة البشر في عالم معولم وفي ذات الوقت هش وعاجز على استباق المستقبل.

اختبار محفز

بقدر ما هي مهولة بقدر ما يمكن أن تصبح هذه الأزمة محفزة وبقدر ما يمكن أن تحول الى فرصة للدفع تدريجيا بميلاد منظومة عالمية جديدة، وهو ما لم يحدث بعد انقراض الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات ولم يحدث كذلك غداة أزمة 2008 رغم إنشاء مجموعة العشرين.

إن منظومة جديدة لا تعني إدخال تغييرات في نمط الحكامة العالمية فقط، بل تعني كذلك وبالأساس إعادة بناء من أجل إعطاء الاعتبار لأسبقيات جديدة: إنقاذ حياة الناس واقتسام الموارد وحماية البيئة.

إن الخروج من الأزمة الصحية يمنح العالم فرصة جديدة وامكانية للتفكير في المستقبل عبر تدبير مخلفاتها على المدى القصير وبعد ذلك العمل على بعث الجديد. هكذا يمكن أن تصبح هذه المحنة ومعها هذا الاختبار الذي عاشته البشرية مصدر تحفيز من أجل التغيير الايجابي. إن ذلك يتطلب القيام بتحكيمات عبر تقاطع الرهانات والتحديات وكذا الطموحات (المثالية) والامكانيات (الواقعية).

إن الخروج من الأزمة الصحية يفرض على مستوى السياسة الاقتصادية الرجوع الى الزمن "الكينزي" (ارتباطا باسم الاقتصادي الانجليزي كينز) كما كان الحال سنة 1930 و1945. وهنا يطرح سؤال كبير. كيف يمكن تحقيق انطلاقة جديدة للمنظومات الانتاجية وتدبير المديونيات خاصة في ظرف يتسم بتواضع معدلات الفائدة المديرية؟ إذا كانت بلدان الاتحاد الأوروبي تسعى لإحداث آلية لتعاضدية ديونها في إطار تضامن اقليمي، سيكون من المفيد تنظيم مشاورات دولية من أجل تحقيق توافق حول إشكال تسديد الديون مع إعطاء عناية قصوى لأوضاع البلدان النامية والفقيرة. ذلك أن كل بلدان العالم ستجد نفسها في مأزق حول تسديد الديون: صعوبة رفع الضغط الضريبي أو الرجوع الى السياسات التقنينية في مجال الإنفاق العمومي أو البحث على سبل إعادة جدولة الديون. لا شك أن العودة المنتظرة لاستهلاك بعض العائلات التي رفعت من مستوى مدخراتها خلال فترة الحجر سيساهم في إعطاء نفس جديد للحياة الاقتصادية. في هذه الحالة قد تتحقق طفرة اقتصادية نسبية بعد 2021 إذا نجحت الأقطار في عملية مغادرة الحجر الصحي. ذلك أن هذه الأزمة الاقتصادية تتسم بخصوصية لافتة. فمصدرها لا يرتبط باختلال للعرض أو بتقليص للطلب كما حدث سنة 2008. فهي وليدة للحجر الصحي. كما أن وضعية البنوك بقيت منيعة وبقي معدل الفائدة منخفضا ومعدل الادخار الاحتياطي مرتفعا.

قد تستغل بعض الأنظمة السياسية القطرية مرحلة الخروج من الاحتقان الصحي لتدير ظهرها للممارسات الديمقراطية بل لتسعى لترسيخ مزيد من السلطوية والمركزية و الشعبوية. فكما يذكرنا ادكار موران بأن "الوباء مغامرة الللايقين" فهو قادر على أن يفرز الأسوأ أو الأفضل. لذا فإن ظرفية الخروج من الكارثة الصحية قد يؤدي لاختيارات بين الخير والشر. فأزمة 1929 أنتجت في قلب أوروبا التوجهات الفاشية وبعدها الحرب العالمية الثانية. كما أن أزمة 2008 ساهمت في صعود الشعبوية واليمين المتطرف وأحيانا العنف وكذا تراجعات مجتمعية وثقافية. وعلى عكس ذلك ساعد الخروج من الحرب العالمية الثانية انتشار التعددية السياسية والاقتصادية غربا وعلى تحفيز النضالات التحررية ضد الظاهرة الاستعمارية.

لقد طرحت عدة تساؤلات خلال الأزمة الصحية للفيروس التاجي حول احتمال إدخال مراجعات في اختيارات السياسات الاقتصادية من خلال التخلي عن الأنانية والبحث المستمر عن الربح السريع واستعظام المدى القصير وكذا إعطاء العناية الى الحاجيات الأساسية للمجتمعات (الصحة والتعليم مثلا) ومكافحة الاحتباس الحراري وتحقيق مزيد من التكافؤ الاجتماعي عالميا وقطريا. أو على العكس من ذلك قد يؤدي تجاوز المخاطر الى تراخ جديد والى الرجوع الى الممارسات السائدة سابقا.

من المهم متابعة تطور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بعد مغادرة العالم للحجر الصحي الذي فرضته الجائحة، وهي العلاقات التي تأثرت باندلاع حرب تجارية بين الطرفين. لقد بادرت الادارة الأمريكية لإعلان مواجهة جديدة في شكل حرب صحية عندما أشارت لمسؤولية الصين في تفشي الوباء عالميا، في حين تعمل السلطات الصينية على إبراز مناعة ومصداقية نموذجها من خلال نجاحها في تطويق آثار الوباء.

من المفيد أن نبرز أن حدة الاحتقان بين الطرفين حول هذا الموضوع لم يمنعهما من التأكيد (8 مايو2020) على ضرورة تطبيق الاتفاق التجاري الأولي الذي وصلا إليه (15 يناير 2020) والذي يروم التقليل من حدة الخلاف التجاري بينهما. هكذا يتجلى أن الترابط القوي بين أنسجتهما الإنتاجية يجعل من مصلحتهما المشتركة العمل على إطفاء حريق التناقض التجاري والمساهمة في تحقيق انطلاقة جديدة للاقتصاد العالمي الموبوء بفعل الحجر الصحي.

إن ما بعد كوفيد 19 سيتيح للأقطار التي أبانت عن مزيد من التماسك والفعالية في تدبير الأزمة الصحية بأن تحتل مواقع متقدمة في تشييد عالم الغد: الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة ولحد ما اليابان، ألمانيا وجاراتها بلدان شمال أوروبا. كما اتضح أن الاتحاد الأوروبي قد نجح الى حد لافت هذه المرة في تكوين جبهة موحدة من خلال سعيه نحو خلق آلية تعاضد لتدبير مديونية الدول وكذا المساهمة في تطوير البحث العلمي الصحي. في هذا الإطار جاءت مبادرة ماكرون وميركل (فرنسا- ألمانيا) باقتراح برنامج لانطلاق الاقتصاد الأوروبي في حدود 500 مليار اورو ستتكلف اللجنة التنفيذية للإتحاد الأوروبي باقتراضها لدى السوق العالمية.

لا شك أن تطور ميزان القوى عالميا بعد الخروج من الأزمة سيمكن القطب الاسيوي من تجويد موقعه الذي بدأ يكتسبه بعد 2008. فهل سنسير الى مزيد من المواجهات، وهل سيسعى الفاعلون الكبار ضمن مجموعة السبع ومجموعة العشرين الى الاستفادة من قوة الترابط أو التبعية المتبادلة بين مركباتها الإنتاجية للوصول الى مشاورات قصد تحقيق الإنطلاقة الاقتصادية المنشودة. كما تطرح ملحاحية فتح نقاش ايجابي بين الأقطار الدائمة العضوية في مجلس الأمن من أجل خلق مزيد من التماسك للتقليل من حدة الخلافات التي تخترق العالم والتي تهم الشرق الأوسط وجنوب المتوسط وقلب إفريقيا.

في مجال تدبير الملفات الطاقوية سيكون على كبريات الأقطار المنتجة للنفط (الولايات المتحدة، روسيا، العربية السعودية) وكذا الشركات العملاقة العالمية في القطاع بأن تأخذ بعين الاعتبار وجود إرادة في المعمور من أجل تطوير الاقتصاد الأخضر وحماية البيئة من الاحتباس الحراري. هكذا سيكون على السياسات العمومية غدا القيام بتحكيم بين مستلزمات المدى القصير والمدى البعيد والمستلزمات الاقتصادية والاجتماعية وفي نفس الوقت المستلزمات البيئية...أي في آخر الأمر الاهتمام كما يقال "بنهاية الشهر ونهاية العالم في نفس الوقت".

 إن العالم يحتاج الى نوع من السكينة وإلى منظومة جديدة وتناسق جديد وإعادة بناء أنماط الحكامة وتوجيه الاهتمام بشكل غير مسبوق الى مفاهيم وملفات جديدة. وهذا يتطلب تنظيم مشاورات عبر العالم حول قضايا الصحة والاقتصاد والتكافؤ والبيئة. كما يفرض إعطاء نفس جديد لمقاربة تعددية الأطراف التي تأثرت سلبا بالضربات التي وجهت لها في السنوات الأخيرة بسبب عواقب أزمة 2008 (الترامبية، الأنانية، والشعبوية) وكذا بسبب التحولات في توازن القوى (صعود الصين) وتناسي مفعول تفاقم الفوارق اجتماعيا، وتجاوز قيم العدالة سياسيا (القضية الفلسطينية).

هذا ما يفرض على كل الأطراف الاعتراف بأن عالم الغد لابد أن يكون عالم متعدد الأطراف وأن تدبيره يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عطاءات كل الأقطار بل كل الحضارات والثقافات. عالم تقاسم وتضامن وتوازن ليصبح أكثر سكينة وأكثر قدرة على الاستباق والتحكم في غير المتوقع.

لا شك أن الانخراط في مقاربة التعاون لا تعني زوال مقاربة المنافسة والتباري. فعالم الغد سيكتبه الذين سيتحكمون في المعطيات الكبرى (BIG DATA) وفي الرقمنة والذكاء الاصطناعي. لقد أعطى الحجر الصحي دفعة قوية للرقميات و لكبريات الشركات الأمريكية كافام (أمازون، كوكل، ايبل، ميكرسوفت) Gafam (Amazon, Google, Apple, Microsoft) ، والصينية   بادز (بايدو،علبابا، تانسينت، كسياومي ) Bathx (Baido, AliBaba, Tencent Xiaomi) ستخرج من اختبار كوفيد 19 أكثر مناعة و طموحا.            

الأقلمة وموقع إفريقيا في إعادة البناء 

ستبقى العولمة حاضرة في جدول الأعمال بفعل تقدم التكنولوجيا. فليس هناك مؤشر يدل على إمكانية تراجعها. فالمحطة المتقدمة للتكنولوجيا والتبعية المتبادلة بين المركبات الانتاجية سيحولان دون الرجوع الى الوراء. لكن من المهم والملح اليوم بداية تصحيح وإصلاح هذه العولمة.

لعل الحاجة لتقليص التبعية إزاء الفضاءات البعيدة ستكون من الدروس الأساسية التي يجب استخراجها من هذه الأزمة في أبعادها الصحية و الاقتصادية. هكذا ستفرض الأقلمة نفسها وستسعى الى تملك سلاسل القيم. إن ذلك سيمنح القارة الأوروبية فرصة للانفتاح على مجال قربها جنوب المتوسط وإفريقيا بهدف إنشاء قطب ذي مصداقية يتمركز حول البحر الأبيض المتوسط. هكذا ستمثل إفريقيا فرصة (وليس عائقا) لصالح إعادة بناء المنظومة العالمية. لحسن الحظ لم تتأثر لحد الآن إفريقيا كثيرا بجائحة كوفيد 19، هي التي ليست مسلحة صحيا لمواجهتها بالنظر لهشاشتها البنيوية. لكنها تحملت عواقب الانكماش العالمي الناتج عن انهيار الطلب على المواد الأولية والمحروقات وتهاوي مداخيل السياحة وتحويلات المهاجرين.

لقد أصبحت القارة الإفريقية منذ بداية القرن مطمع كل القوى الاقتصادية الكبرى بعد أن أصبحت الصين أول مستورد للمواد الأولية وأول متعامل اقتصادي مع البلدان الإفريقية. كما اصبحت إفريقيا وسيطا مهما في مسار الإستراتيجية الصينية "الحزام والطريق" نحو أوروبا عبر منفذها البحري.

بعد أن كانت اشكالية تخلف إفريقيا وليدة مسار العولمة، أصبحت ترتبط خلال القرن 21 بخصوصية لافتة بسبب الدينامية الديمغرافية التي تعرفها القارة. فخلال هذا القرن ستكون إفريقيا القارة الوحيدة التي سيتزايد عدد ساكنتها التي ستمثل 40% من ساكنة العالم سنة 2100 حسب الديمغرافيين. سيكون هذا المعطى الديمغرافي مصدر تحد كبير للبلدان الإفريقية بل للعالم كله اعتبارا لنتائجه المتمثلة في ارتفاع مستوى التحضر وتفاقم الفقر وتزايد ضغط الهجرة.

لكن قد يصبح كذلك هذا المعطى عنصر قوة يتجلى في آفاق توسيع مساحة الفئات الوسطى وبروز فرص جديدة للأفارقة لتملك أدوات الثورة التكنولوجية الجديدة.

سيطرح ما بعد كوفيد 19 في المدى القصير إشكالية مديونية الأقطار الإفريقية التي يجب حلها عبر مشاورات دولية بين مانحي التمويلات الخارجية بالغرب والصين (نذكر أن مجموعة العشرين كانت قد أوصت بتوقيف استرجاع خدمات الدين خلال سنة). على المدى المتوسط من الضروري أن تعمل إفريقيا على تجويد امكانياتها في المجال الزراعي وأن تسعى لتوسيع أسواقها المحلية (عبر تحقيق مشروع منطقة التبادل الحر القاري) وتطوير كهربة تجهيزاتها وتحقيق تقدم في مجال التكوين والتعليم. كل هذا يفرض بالضرورة تحقيق تطور ملحوظ في مجال الحكامة السياسية داخل القارة الإفريقية. إن الرهان الأساسي المطروح على الاقتصاد الإفريقي يرتبط بمدى تنويع أنسجته الانتاجية من أجل تجويد الموقع التفاوضي لكل مناطق القارة داخل سلاسل القيم العالمية.

كما أن نجاح إعادة بناء العولمة يقضي أن تصبح إفريقيا في قلب الاهتمامات الجديدة للسياسات العمومية وهي المتعلقة بالصحة والبيئة والتكافؤ. هكذا يمكن لإفريقيا أن تساهم في بناء قطبية متعددة وأن تتحكم في علاقتها مع كل كبريات القوى، وأن تشارك أوروبا جارتها في بناء منطقة إنتاج مشترك متضامن في شكل خط عمودي أفروأوروبي يستند على مركزية البحر الأبيض المتوسط.

وسيكون على المغرب الذي ينتمي للفضاء الأفرو أورو متوسطي  أن يلعب دوره كاملا ضمن هذه المقاربة الإقليمية.

RELATED CONTENT

  • Authors
    Moulay Omar Mharzi
    June 19, 2020
    À l’heure actuelle, l’humanité baigne dans une crise profonde dont la portée est universelle. Le constat est sans appel : la pandémie Covid-19 a enclenché une panique immense impliquant l’ordre social, les structures économiques et politiques, pour ne citer que ces aspects. S’agissant du volet politique, il est évident que les incidences de cette pandémie traversent aisément les frontières. En ce sens, une question se pose immanquablement : quel est l’impact de la crise sanitaire su ...
  • Authors
    June 12, 2020
    The United States has suffered more COVID-19 casualties than any other country and continues to report large numbers of new cases and deaths, and – as evident recently in stock markets – investors remain extremely sensitive to the epidemic’s shifting trends. As every state reopens, including most recently the New York epicenter, the fates of the American economy and of the global economy depend on whether the United States has put the worst of the epidemic behind it, or whether it w ...
  • June 3, 2020
    Plus de cinq mois se sont écoulés depuis l’apparition du premier cas du Virus Covid-19 dont le bilan mondial provisoire est estimé, aujourd’hui, à plus de six millions de personnes affectées et 400.000 victimes. Durant toute cette période, le Conseil de Sécurité des Nations unies n’a pas été en mesure d’adopter une position sous quelle forme que ce soit concernant la nouvelle pandémie. La raison majeure de cette défaillance est la lutte de puissance entre les Etats-Unis et la Chine, ...
  • Authors
    June 1, 2020
    Le monde a connu deux guerres mondiales et se trouve, aujourd’hui, au bord d’une « seconde guerre froide mondiale ». Il n’y aurait certainement pas un certain Winston Churchill pour prononcer un grand discours à Westminster College de Fulton[1]annonçant qu’un rideau de fer est descendu sur le monde ; ni un certain Andreï Jdanov, troisième secrétaire du Parti communiste de l’Union soviétique, pour lui rétorquer, depuis la Pologne, que le monde de l'après-guerre est divisé en deux cam ...
  • Authors
    Hamza M'Jahed
    May 30, 2020
    */ - Le Coronavirus menace d’affaiblir l’autorité de l’État et la mise en place d’un cadre constructif pour l'organisation des élections dans des conditions sereines ; - Étant donné que la Chine est un partenaire économique primordial en Afrique de l’Ouest, l’impact du Coronavirus s’est d’ores et déjà soldé par une baisse des flux de capitaux chinois et par un retard dans la réalisation de mégaprojets d’infrastructures ; - Suite à un ralentissement des échanges commerciaux des Ét ...
  • Authors
    May 29, 2020
    Brazil’s president Jair Bolsonaro is almost a mirror image of U.S. president Donald Trump. They have  considered COVID-19 a “hoax, ”, ( Trump), or a “fantasy” (Bolsonaro). They both believe a potentially toxic drug, hydroxychloroquine, which was developed to fight malaria, to be the miracle cure for the virus. They have refused to wear facemasks. They have both pushed back against lockdown rules. Bolsonaro even issued a presidential decree that exempted churches and lottery houses f ...
  • Authors
    May 27, 2020
    Les tensions dans les relations entre les Etats-Unis et la Chine sont un sujet de préoccupation pour le monde. En dépit des quelques ouvertures éphémères, qui donnent parfois espoir à la détente, la tendance de ces derniers temps est plutôt vers l’escalade. Il ne se passe pas un mois, voire une semaine sans qu’actions, déclarations ou positions de l’un des deux pays contre l’autre ne fasse la Une de l’actualité. Des incidents les plus dangereux en Mer de Chine méridionale, aux mesur ...
  • May 27, 2020
    In discussing the potential role of peacekeeping missions in the context of the threat of the Coronavirus pandemic, two main issues arise. The first is of a legal nature, and the second is linked to the management of expenditures and budgets. Legally, the duties of peacekeeping missions are defined by the United Nations Security Council resolutions that mandate the creation of a mission. Financially, UN member states have become less willing to finance peacekeeping operations (PKO ...